التكليف حيث «أحلّ» تشمل كل زمن هذه الرسالة ، ـ إذا ـ فالجواب يحلّق على ما حلّق عليه السؤال :
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) وتقابلها الخبيثات ، طيبات في حقل الأكل والشرب والنكاح وأية تصرفات قالا وحالا وفعالا ، وكما القرآن في سائره يحلّل الطيبات ـ كلمة واحدة ـ ويحرم الخبيثات.
ولأن (ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) من المحرمات سبق ، فقد سنح لهم أن يسألوا عما أحل لهم ، ولكنه لا يختص الحل بحقل الأنعام ، كما (وَطَعامُ الَّذِينَ ... وَالْمُحْصَناتُ) يشهدان لعدم الإختصاص.
و «الطيبات» بصورة طليقة هي ما تستطيبه النفس الإنساني غير المنحرف ولا المنجرف إلى دركات الحيوانية ، فهي المستطابة بطبيعة الحال الإنسانية.
ولأن الخطاب في بازغ السورة هو خطاب الإيمان فقد ينضاف إلى المستطاب في حقل الإنسانية المستطاب في حقل الإيمان ، فقد تشمل الخبائث ما يمجه ويستخبثه الإيمان إلى ما يمجه الإنسان كإنسان.
فكما أن الميتة والدم وما أشبه يمجها طبيعة الإنسان بفطرته السليمة ، كذلك ما أهل لغير الله به وما ذبح على النصب يمجه المؤمن قضية إيمانه السليم ، والمستقسم بالأزلام ينفر عنه لأنه من الميسر ، فلم يحرم الله طيبا على المؤمنين ، فالطيبات ـ كأصل ـ هي ما تستطيبه النفس الإنسانية ، أي لا تستنجثه بطبيعتها الأولية الأصيلة غير الدخيلة ، وهذه الطبيعة الصافية تصبح ضافية أكثر حيث تتبلور أكثر مما كان على ضوء الإيمان ، ومهما كان التكليف شاملا كافة المكلفين ، ولكنه فيما هنا وما أشبه هو على غرار ما تستطيبه النفوس المؤمنة.
فليست «الطيبات» إذا كل ما يستطيبه كل الناس ، وإن شرذمة من