الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) تختص بالجعل التشريعي وأما الذي يحرج نفسه بنفسه فهو الذي جعل على نفسه الحرج تخلفا عن شرعة الله.
دور إكمال الدين وإتمام النعمة بصورة عامة :
هنا إكمال الدين وليس إكمال الشرعة من الدين ، فالقصد من «دينكم» هو الدين كله حيث (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ..) (٤٢ : ١٣).
فكل شرعة من الدين طرف منه يختص بزمن خاص ، فيها سؤل المكلفين به ، ولكن هذه الشرعة الأخيرة تحمل كل ما تحمله الشرايع الأربع وزيادة هي سر الخلود إلى يوم الدين ، فلا تختص ببيئة خاصة وزمن خاص وناس خصوص كسائر الشرائع المؤقتة.
بل إن هذه الرسالة الأخيرة تخاطب الإنسان من وراء كل الظروف والبيئات ، وتتناول حياة المكلفين إلى يوم الدين من جميع أطرافها ، محلقة على كل سؤل دون إبقاء ، واضعة لها المبادئ الكلية والضوابط الشاملة فيما يتطور فيها ويتحوّر بتغير الزمان والمكان ، وكذلك الأحكام التفصيلية والقوانين الجزئية فيما لا يتطور ولا يتحور بتغير الزمان والمكان وتحوّرها.
فقد أعلن «يوم الغدير» بواسطة ذلك البشير النذير إكمال الدين بكل أصوله وفروعه ، وسر استمراره ، ومستسر قوته وقراره.
إذا فالمخاطبون ب (لَكُمْ دِينَكُمْ ..) هم كل المكلفين في الطول التاريخي والعرض الجغرافي منذ بزوغ الإسلام إلى يوم الدين.
وهكذا (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) في إكمال دينكم ، النعمة الخاصة الربانية الرحيمية التي قضيتها إرسال الرسل وإنزال الكتب ، فقد أتممت تلك