النعمة الناعمة القائمة بأسرها ، فلم تبق عندي نعمة بالإمكان إنزالها على المكلفين إلّا وقد أنزلتها في هذه الشرعة من الدين التي هي الدين كله بكماله وتمامه.
إذا فما ذا بعد إكمال الدين ـ فيما يحاوله مختلقو شرعة بعده ـ إلا انتقاص ، وماذا بعد إتمام النعمة إلا نقمة وإفلاس.
أجل ، ولكنه لا يدرك حقيقة نعمة الله في هذا الدين ولا يقدر قدرها إلا من يعرف الجاهلية ويذوق وبالها وويلاتها ، ثم ومن يعرف شرايع الدين قبله بتحرّفاتها عن جهات أشراعها ، وأنها في نفس الوقت وقتية مؤقتة ، وكأنها ـ أو أنها ـ تقدمات وتعبيدات طريق لهذه الشرعة الأخيرة.
فلقد انشأ الإسلام من البشرية أمة تطل من القمة السامقة على كافة المكلفين كلهم في السفح ، في كل جانب من جوانب الحياة.
ذلك الدين المتين ـ بكل أعباءه وقضاياه ـ هو الذي رضيه الله لنا دينا ، مما يحرضنا على الاستقامة قدر جهدنا لإقامته ، وإلا فما أنكد وما أحمق من يهمل أو يرفض ما رضيه الله له ليختار لنفسه غير ما اختاره الله ، أو يغير معالمه الأصيلة إلى طقوس وأذكار خاوية ، وتلك ـ إذا ـ جرعة نكدة ليست لتذهب دون جزاء.
ذلك ، و «من» في «من دينكم» تعني ـ فقط ـ التعدية إذ لو عنت معها معنى آخر كالتبعيض فقد عنت / «يئس الذين كفروا من بعض دينكم» فهو «من من دينكم».
و «دينكم» له مرحلتان ، أصله ، وكونه معكم ، واليأس يشملهما ، فقد يئسوا من زواله أو إزالته من أصله أو عنكم حيث قرر فيكم استمراريته قيادة وقانونا مضمونا في عصمتها.