يختص الاضطرار المحلّل للحرام بالحفاظ على النفس بل والحفاظ على سائر النواميس الخمسة لنفسه أمن هو محسوب عليه.
ثم المضطر باختياره ، أو الباغي والعادي أو المتجانف لإثم ، هؤلاء هم عصاة في اقتراف المحرّم المضطر فيه مهما كان واجبا ، فهو محظور تقصيرا ، ومحبور حفاظا على الواجب حفظه من نفس وصحة أمّاهيه.
والغفر الطليق يختص بغير المقصر ، وأما المقصر على دركاته فلا يغفر له حيث يعذّب بتقصيره ، مهما عذب أيضا إذا لم يتناول المحرم حالة اضطراره ، وليس مورد الاضطرار بالاختيار وما أشبه من موارد ترجيح الأهم على المهم سلبا لحكم المهم ، أو تساوي الحكمين فتساقطهما ثم الحكم بإباحة الطرفين ، فإن حكم المهم يزول عند الاضطرار العاذر وفي سواه يبقى الحكم على حاله كالمضطر الباغي أو العادي أو المتجانف لإثم بنص الاستثناء الخاص ، والعنوان الثانوي إنما يزيل حكم العنوان الاولى في حالة العذر دون تقصير.
فهنا الضابطة «الضرورات تبيح المحظورات» تخصص بالضرورات غير المختارة ، أم «تبيح» إباحة مطلقة في غير المقصرة أصلا وفرعا ، وإباحة جانبية في المقصرة بمعنى بقاء حكم الوجوب والحرمة معا.
فالقول إن واجب الحفاظ على النفس ومحرم اقتراف المحرم حالة الاضطرار المقصر هو الجمع بين الواجب والمحرم وأنه مستحيل أم يرجح أرجح الأمرين.
إنه مردود بأن الوجوب والحرمة متواردان على وجهين ، ثم لا تزول الحرمة المعارضة بأهم منها إلّا إذا كانت غير مقصرة ، فالمضطر الباغي أو العادي أو المتجانف لإثم أو الذي اضطر باختياره معاقب على أي الحالين ، فيعاقب على اقتراف الحرام حفاظا على نفسه ، كما يعاقب على هدر نفسه تركا لذلك المحرم لمكان تقصيره في ذلك التضيق والحرج و (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي