كما لا يحل للمحرم أن يحلّ عن إحرامه قبل قضاء مناسكه التي هي شرط التحلل عن الإحرام ، يحلّ بغية التحلل عن محرمات الإحرام ، أو التحلل عن واجب الحج أو العمرة الواجبان به ، أم أي إحلال بالنسبة لأصل الإحرام ، أم شروطه ، أو سائر شعائر الحج الواجبة به.
والقول إن واجب الإحرام لكل داخل في الحرم لا يناسب (آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) لخروج غير القاصد حجا أو عمرة ، مردود بأن قصد البيت الحرام أعم من قصد الحج أو العمرة ، فإنه طليق قصد الحرم ، والقصد من (الْبَيْتَ الْحَرامَ) هو الحرم كله تعبيرا عنه بأصله ، ك (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) حيث القصد منه الحرم وزيادة.
فالمفروض على (آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ـ ككلّ ـ عقد الإحرام لعمرة أو حج ، إلّا لمن يتكرر دخوله الحرم قضية شغله ، أو المريض ، أو الذي أحرم في شهره ، ففاصل شهر هنا ممّا يفرض الإحرام إلّا لعذر كما فصّل في المستفيضة.
ثم على وجه المفعولية ل (آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) فمصبّ النهي هم القاصدون البيت الحرام ألّا تصدوهم عنه لحج أو عمرة أم سواهما.
وهل «الآمّين» هنا بعدهم ـ فقط ـ المشركون كما يقال (١) فالآية ـ إذا ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٥٣ ـ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخة عن ابن عباس في الآية قال : كان المشركون يحجون البيت الحرام ويهدون الهدايا ويعظمون حرمة المشاعر وينحرون في حجهم فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فقال الله : (تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) وفي قوله (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) يعني لا تستحلوا قتالا فيه (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) يعني من توجه قبل البيت فكان المؤمنون والمشركون يحجون البيت جميعا فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا يحج البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعد هذا (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) وفي قوله (يَبْتَغُونَ فَضْلاً) يعني أنهم يترضون الله بحجهم.