وهنا (كَتَبْنا عَلى) ليست كتابة في التورات ، فصيغته الصحيحة «كتبتنا في ..» دون «على» ولا كتابة لأصل الحكم إذ ليس حكم القاتل نفسا واحدة حكم قتل الناس جميعا ، لا قصاصا لاستحالته ، ولا دية فإنها خلاف الضرورة والعدالة ، فإنها ليست جزاء بالمثل! بل هي كتابة لعظم الموقف حتى يستعظموه فيبتعدوه ولكن لا حياة لمن تنادي وهم (فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) في قتل وسواه من إفساد ، فهي بيان حقيقة دون مبالغة ، صدا عن الاستهتار الإسرائيلي واستهانته بدماء الأبرياء ، أم وبيانا لعقوبة أخروية إضافة إلى بعد هذه الجريمة هنا.
أترى كيف يصبح قتل نفس واحدة أو إحياءها كما الناس جميعا؟ وهل إن كل واحد من (النَّاسَ جَمِيعاً) كمشبه بهم حكمه حكم هذا الواحد المشبّه فيتسلسل العدد في كل واحد من المشبهين! أم لا؟ فما هو الفارق بين هذا الواحد المقتول والناس جميعا؟!
إن قتل نفس واحدة بغير الحق ، في الحق يعدل شرفيا قتل الناس جميعا ، لأن كل نفس هي ككل النفوس في الحياة الإنسانية ، وحق الحياة واحد ثابت لكل نفس ، فقتل واحدة منها كقتلها كلّها فإنه هتك لحياة الإنسانية كلّها ، المتمثلة في واحدة من نفوسها كما تتمثل في كل نفوسها ، وكذلك عكس الأمر في استحياء واحدة منها فإنه استحياء للنفوس جميعا.
وموقف المشبه ليس كموقف المشبه بهم حتى يتسلسل العدد ، والمقصود من نفس واحدة هو أية واحدة منها ، فقتل الأكثر ـ إذا ـ يضاعف ـ في وجه الشبه ، بأن قتل نفسين ـ مثلا ـ كقتل الناس جميعا مرتين (١) ويكفي في
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ٣ الكافي عن حمران قال قلت لأبي جعفر (ع) في معنى قول الله عز وجل : «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ...» قال : قلت كيف كأنما قتل الناس جميعا فربما قتل واحدا؟ فقال : يوضع في موضع من جهنم اليه ينتهي شدة عذاب أهلها لو قتل الناس جميعا لكان إنما يدخل ـ