كقتل الناس جميعا ، كما أن إحياءها هو كإحياء الناس جميعا ، في عظم العقاب والثواب ، مهما كان القود واحدا بواحد في عاجل العقاب.
وليس المكتوب على بني إسرائيل ـ دون من قبلهم ـ بيان أصل الجريمة وعقابها ، بل هو بيان بعدها ، ولكي يبتعدوا هم عنها وهم أعدى الأقوام طول التاريخ الرسالي! (ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ) العرض العريض (فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)!.
ولأن (نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ) هنا مطلق تعم كل نفس وفساد في الأرض ، فقتل رجل بأنثى مسموح؟ رغم أن «أن الأنثى بالأنثى»! (٣ : ١٧٨).
أو أن (فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) تعم كل عصيان فيها ، وقتل العاصي بأي عصيان خلاف الضرورة من الأديان! أم عصيان متجاوز إلى غير العاصي أيا كان؟ ثم آية المحاربة تنسخه إلى (يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً)؟ وقتل العاصي بأي عصيان خلاف الضرورة في أيّة شرعة إسرائيلية وسواها!.
والحل أن الآية مطلقة مجملة تفسرها آية المحاربة «ويسعون» وآية (الْأُنْثى بِالْأُنْثى).
وتراه مبالغة مفرطة مصلحية السياج على القسوة الإسرائيلية؟ وليست المصلحية غاية تبرّر الوسيلة المفرطة غير الصالحة! بل هي حقيقة وجدت مجالها لأولى وهلة في ذلك الجو القاسي ، و «لفظ الآية خاص في بني إسرائيل ومعناه جار في الناس كلهم» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٧ في تفسير القمي بسند متصل عن أبي جعفر (ع) في حديث طويل قال الله عز وجل: (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ...) ولفظ الآية ...
وفي وسائل الشيعة ١٩ : ٧ علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلا من تفسير النعماني عن علي (ع) في حديث قال (ع): وأما ما لفظه خصوص ومعناه عموم فقوله عز وجل : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ...) فنزل لفظ الآية في بني إسرائيل خصوصا وهو جار على جميع الخلق عاما لكل العباد من بني إسرائيل وغيرهم من الأمم ومثل هذا كثير.