يرتبط ندمه بجهله وعجزه تعليما من غراب.
وهنا يلتقط السياق الآثار العميقة التي تتركها في النفس رواية ذلك النباء بهذا التسلسل ، ليجعل منها ركيزة شعورية للشرعة التي فرضت لتلافي الجريمة في نفس المجرم أو القصاص العدل إن هو أقدم عليها بعد علم بالآم القصاص التي تنتظره (١).
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) (٣٢).
وهنا (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ ..) وكذلك (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) تتقيدان بآية البقرة : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) فلا يقتل
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ٤ بسند صحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله (ص) أوّل ما يحكم الله يوم القيامة الدماء فيوقف ابنا آدم فيفصل بينهما ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد ثم الناس بعد ذلك حتى يأتي المقتول بقاتله فيتشخّب في دمه وجهه فيقول : هذا قتلني فيقول : أنت قتلته؟ فلا يستطيع أن يكتم الله حديثا.
وفيه ص ٥ عن أبي جعفر (ع) قال : ما من نفس تقتل برّة ولا فاجرة إلا وهي تحشر يوم القيامة متعلقة بقائلة بيده اليمنى ورأسه بيده اليسرى وأوداجه تشخب دما يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ، فإن كان قتله في طاعة الله أثيب القاتل الجنة وأذهب بالمقتول إلى النار وإن كان في طاعة فلان قيل له أقتله كما قتلك ثم يفعل الله فيهما بعد مشيته.
وفيه عن أبي عبد الله (ع) قال : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ـ قال : ولا يوقف قاتل المؤمن متعمدا للتوبة.
وفيه (ع) قال رسول الله (ص) لا يغرنكم رحب الذراعين بالدم فإن له عند الله قاتلا لا يموت.
قالوا يا رسول الله (ص) وما قاتل لا يموت؟ فقال : النار.