لغراب وقد قتل أخاه غلبا عليه لكيلا يراه وهو الناجح ولكنه الساقط؟. وصيغتها الصالحة «من التائبين»! ثم ولا صلة بين عجزه عن مواراته وندامة التوبة عن قتل الموارى!
والندامة ـ أيضا ـ بمجردها ليست توبة ، والتوبة غير مقبولة إلّا بشروطها وهي هنا مفقودة لسابق النص (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) و (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ..) (٤ : ١٧) وقد عمل السوء بغير جهالة ، بل بكل عناد ومعرفة بكيان المقتول ، فقد قتله لإيمانه وتقواه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٤ : ٩٣) فلم يك إذا ممن يتوب الله عليه إن كان ندمه توبة ، وقد خرج عن الإيمان بقتله المؤمن متعمدا (١).
علّه (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) عن فعلته زعم القدرة الغالبة وهو يراه أضعف من غراب وأجهل ، فلم يحصل ـ إذا ـ بقتل أخيه على مكانة وقوة غالبة خلاف زعمه ، وذلك الندم غير المصحوب بتوبة ، أم بتوبة غير مقبولة ، إنه عذاب فوق عذاب الأخرى ، وما أمر الظالمين إلّا في تباب ، وهنا يبرز له أن قتل أخيه كان عن جهل منه متعمّد فليندم على ما فعل ، وهكذا
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ١٠ عن أبي جعفر (ع) في حديث طويل قال : لما أذن الله لنبيه في الخروج من مكة إلى المدينة انزل عليه الحدود وقسمة الفرائض وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها وأنزل في بيان المقاتل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ...) ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز وجل (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً. خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
وفيه ١٩ : ١٩ عن أبي عبد الله (ع) قال : سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا هل له توبة؟ فقال : إن كان قتله لإيمان فلا توبة له وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عز وجل.