الوجه العام من إضافة المصدر إلى فاعله ، فهو ـ إذا ـ مجمع الإضافتين حيث يجمع الإثمين.
ثم «إني أريد» ليس إلّا على فرض وقوع القتل من أخيه عمدا ، حين لا يؤثر فيه عظته ، «أريد» بعدم بسط يدي إليك لأقتلك ، إضافة إلى (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) ـ «أن تبوء» كما قرر الله وقدر «بإثمي» : قتلي «وإثمك» الذي لم يتقبل به قربانك (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) ومن شروط الإيمان عقيدة الجزاء العدل وإرادته للعالمين عدلا أو ظلما ، كما أراد الله.
وقد تعتبر هذه العظات دفاعية إيجابية حفاظا على نفسه وسلبية حفاظا على أخيه كيلا يقترف إثمه ، ثم دافع عن نفسه بيده بعد دفاعه ببرهانه!
وهكذا يواجه المهدّد بالقتل وسواه ، أن يوجّه إلى الحق تبعيدا عن باطله ، ثم إذا لزم الأمر دفاعا باليد وكما فعله هابيل.
(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٣٠).
ذلك القتل العضال ، على مرونة القتيل في ذلك المجال العجال ، كان صعبا على النفس الإنسانية بعد هذه العظة البالغة التي طامنت عن حدّته في هدّته ، فكان بحاجة إلى تطويع ، ويا لها من نفس نحسة تطوّع لصاحبها قتل أخيه التقي دونما ذنب إلّا تقاه ، وهو لا ينوي قتله رغم طغاة.
والتطويع تدريج لواقع ذلك الأمر المريج ، يتطلب ردحا من الزمن لكي يصمم التصميم الأخير ، حيث الموانع عن هذه الجريمة النكراء ـ في ظاهر الحال ـ كانت أكثر من الدوافع لها.
إذا فتحقيقها بحاجة إلى زمن تتدرج فيه النفس الأمارة بالسوء لإيقاع الواقعة النكراء ، فسولت له نفسه وقربت عليه البعيد وسهلت له الصعب