فقد أراد ما أراده الله لا سواه ، إن حصل قتل لا على أية حال (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) كضابطة تستثني عن أخرى هي (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) فالنفس القاتلة ظلما تزر وزر المقتولة ظلما ، استثناء من الضابطة العامة ، وقد تزر الوازرة الأولى مثل ما تزره كل وازرة أخرى ف «لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل» (١).
أو يقال إن القاتل صدّ على المقتول باب المغفرة لسيئاته والمزيد لحسناته فليجبر بحمله من إثم المقتول جزاء وفاقا فليست قاعدة الوزارة هنا مستثناة.
أترى ذلك التقي النقي في حساب الله كان آثما حتى يبوء أخوه إثمه إلى إثمه؟ وهب ان الله هكذا يريد إن وقعت واقعة ، فما للأخ المؤمن أن يريد لأخيه هكذا حمل ، وإنما يحق له أن يترجى نجاته من كل إثم ، آسفا على أن يهوي إلى هوّاته!.
علّه اعتبر نفسه آثما تواضعا لربه ، فلا يحسب طاعاته لائقة بجنابه ، ولكنه إذا ليس إثما يزره قاتله إلى إثمه ، بل هو طاعة فان حسنات الأبرار سيئات المقربين! ، أم يعني من «إثمي» قتله كشخصه مهما أريد منه كل آثام القتيل ظلما كآخرين ، و «إثمك» هو الذي جعله لا يتقبل قربانه ، ف «إثمي» هنا من إضافة المصدر إلى مفعوله : الإثم الواقع عليّ من قتلك إياي ، كما هو في
__________________
ـ متعمدا اثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبريء المقتول منها وذلك قول الله عز وجل (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ...) ورواه البرقي في المحاسن مثله.
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٧٦ ـ أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود قال قال رسول الله (ص) : وأخرج مثله في المعنى الطبراني عن ابن عمر عنه (ص).
وفي نور الثقلين ١ : ٦١١ في الخصال عن جعيد همدان قال قال أمير المؤمنين (ع) أن في التابوت الأسفل من النار اثني عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه وفرعون وهامان ـ الحديث.