للمعتدى عليه ضد المعتدي ... وعل توصيف الله برب العالمين تلميحة أن ما هباه الرب لا يسمح لغيره أن يسترجعه.
وقد كان في هذا القول اللين ما يفتأ الحقد المكين ، ويهدّئ الحسد الدفين ، ويسكن الشر ماسحا على الأعصاب المهتاجة المحتاجة إلى التليين ، حيث يرد صاحبها إلى حنان الأخوة واللين ، وبشاشة الإيمان الأمين ، وذلك في الشطر الأول من إجابته ، وفي الشطر الثاني إخافة وإنذار من سوء العاقبة وآجل الجزاء للظالمين :
(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) (٢٩).
ذلك التبشير وهذا الإنذار كانا كافيين لأخيه أن يصداه عن بغيه فلا يمد في غيّه ولكن لا حياة لمن تنادي!
أتراه بعد يريد لأخيه أن يقتله فيبوء بإثمه إلى إثمه فيكون ـ إذا ـ من أصحاب النار؟
وذلك بعيد كل البعد عن ساحة العلم والتقى اللذين عرفناهما من هذا التقي!.
«إني أريد» ليس مطلقا وعلى أية حال ، إنما هو على فرض القتل حين يهاجم وتكلّ يد الدفاع ، فالقاتل ـ إذا ـ مسئول عن تعمّده هنا وفي الأخرى ، وقد أراد الله للقاتل ظلما أن يكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ، وأراد أيضا أن يبوء بإثمه نفسه قتلا وسواه ، وبإثم المقتول فيما دون القتل من إثم إن كان ، فيما دون حق الناس ، فيصبح المقتول ظلما ـ وهو تقي ـ خالصا عن ذنوبه ، يتحملها القاتل إلى ذنوبه (١).
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ٧ صحيحة عبد الرحمن بن أسلم قال قال أبو جعفر (ع) من قتل مؤمنا ـ