أترى من تقواه ألّا يبسط يد الدفاع عن نفسه إلى من يبسط إليه يد القتل؟ والدفاع عن النفس وعمّا دونها حق طبيعي لكل ذي نفس ، كأصل من أصول الشرعة الأحكامية!.
النص هنا (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) لا «لا أدافع عن نفسي» فهنالك يدان تبسطان إلى من يريد القتل ، يد القتل وهي أثيمة كيد القاتل المتطاول ، وهذا التقي ينفيها ، ثم يد الدفاع حسب الضرورة والمستطاع ولا ينفيها ، فعلّه اغتاله (١) فيد الدفاع ـ إذا ـ غير مبسوطة قضية المفاجأة ، أم قاتله ، فيد الدفاع مبسوطة ولكنه اغتيل ولم ينفعه الدفاع.
ثم (ما أَنَا بِباسِطٍ) دون «لا أبسط» تنفي محاولة القتل من التقي على أية حال ، لمكان الدوام المستفاد من صيغة الفاعل ، ف (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) هذا ـ ثم يبين ظاهرة تقواه مع من يريد قتله بطغواه :
(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (٢٨).
اللهم إلّا باستحقاق القتل ، وأما أنه صمم على قتلي امّن سواي ، أم
__________________
(١) في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر (ع) قال : لما قرب ابن آدم القربان فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال : تقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل ، دخله من ذلك حسد شديد وبغى على هابيل ، ولم يزل يرصده ويتبع خلوته حتى ظفر به متنحيا من آدم فوثب عليه وقتله فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله في كتابه مما كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله ـ الحديث ...
أقول : واللامح منه أن قتله كان غيلة مفاجئة ، فلم يمكن من نفسه ولم يجد ظرفا للدفاع عن نفسه.
وفي البحار ١١ : ٢١٨ في قصة هابيل وقابيل ـ إلى أن قال ـ فقال قابيل : لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني وتريد أن تأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة فقال له هابيل ما حكاه الله فشدخه بحجر فقتله روي ذلك عن أبي جعفر (ع).