والطغوى فوضى جزاف ، إذا «لأقتلنك»! حتما لا مردّ له.
ترى وما هو جواب الآخر ، هل هو رد بالمثل «وأنا لأقتلنك» أو «لأقاتلنك»؟ كلّا! حيث الناوي للقتل لا يستحق القتل ولا القتال ، ولا غير المتقبّل قربانه إذ لم يرتدّ به بعد عن الدين.
بل هو كلمة إصلاحية صالحة ، تبيينا للموقف المعادي لكي يهتدي إلى هداه ، أم يكف عن أذاه : (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) توجيها رقيقا رفيقا للمتهدّد بالقتل أن يتقي الله كما هو اتّقاه ، وهداية إلى الطريق المؤدية إلى القبول.
فما ذنبي إذ تقبّل مني تقوى ولم يتقبل منك طغوى ، فهل ترجو تقبلا منّا معا على سواء؟ أم ردا علينا على سواء؟ وهما تسوية ظالمة والله منها براء! أم ترجو تقبلا منك رغم طغواك ، وردا عليّ رغم تقواي ، وهذا تقديم للمفضول على الفاضل وما أظلمه!.
قل لي صراحا ماذا تريد مني لأعطيك إياه إن قدرت ورضى الله بديلا عن قتلي؟.
نرى الطاغية لا يحير جوابا لأنه منغمر في طغواه ، فائر مرجل غيظه إذ سقطت مناه ، فهو مصمّم على مغزاه وأن يرمي مرماه ، والمتقي يشرح متواصلا واجهته الصالحة أمام التهديدة الكالحة الطالحة.
ف (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ضابطة صارمة لا تستثنى طول خط الحياة بكل خيوطها ، فتقريب القربان أم أية عبادة أم أي تقريب كان لن يجد مجالا لتقبله إلّا بالتقوى الصالحة له وقدرها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فلا مجازفة في تقبّل الأعمال ـ كما فيها ـ عند الله ، وكل شيء عنده بمقدار.
ضابطة ثابتة تجعل الأعمال الناتجة عن غير تقوى حابطة مهما أبرقت