إلى الآخر إذ لم يك تقيا ، أم ولا إلى الأوّل إذ لم يثبت وحيه النبوءة ، وعلى ثبوته لم يكن الآخر ليصدق وحيه ولا نبأه ، فليكن خارقة محسوسة في المتقبّل علامة النجاح ،.
إذا فكأنه كان «قربانا تأكله النار» علامة النجاح ، والآخر لم تأكله النار علامة السقوط ، ك (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣ : ١٨٣)! ولأن «قربانا تأكله النار» كان علامة للرسالة ، فكان الخلاف بين ابني آدم حول وراثة النبوة عن آدم ، أم وقصة الزواج ، ونسكت عما سكت الله عنه.
ترى وما هي ردة الفعل من المردود قربانه؟ أيحاول في إصلاح نفسه فتقبّل قربانه كما تقبل من الآخر ، أم يكظم غيظه دون إصلاح ولا إفساد؟ كلّا! بل هي قولة بغيضة ثم فعلة شذيذة حضيضة : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ..) حسما لمادة التفاضل وحياة التعاضل ، وهذه ثالثة ثلاثة مما يحتمل في مسرح السقوط ، وما أجهلها وأرذلها! ثم وما أعضلها حالا واستقبالا؟.
هنا «فتقبّل» بصيغة المجهول توحي بغيب القبول من علام الغيوب ، وأنه هو المتقبّل دون حمل أو فرض من أحدهما وتركه من الآخر ، فلا جريرة ـ إذا ـ له توجب الحفيظة عليه وتهديده بالقتل ، إذ لم تكن له يد فيه إلّا يد التقوى ، التي هي رصيد القبول من أيّ كان ، دون يد الطغوى التي هي رصيد الأفول والذبول.
فخاطر القتل هو أبعد ما يرد على النفس وأردءه في هذا المجال : «تقريب القربان».
وعلى أية حال (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ..) حتما لا مردّ له ، أو وحتى إذا عكس الأمر؟ كأمه نعم ، أم إلّا إذا عكس الأمر ، وليس الله ليعكس أمر التقوى