تلك المجال؟ لا يشير النص إلى أيّ من هذه أو تلك ، حيث الهامة المقصودة في ذلك العرض لا تعني شيئا من هذه أو تلك ، بل هي بيان الحال عن طبيعة الإنسان وسجيته لو خلي وطبعه ، ومدى هتك الحسد وقتله إلى حتفه ، وصدى القتلة المجرمة الحاسدة ، والمسئولية الكبرى الجماعية ، ومحتد التقوى بين النفوس المحترمة ، وخطر الطغوى بين الناس النسناس ، التي تتهدم بها حيوية الناس من الأساس ، في كافة النواميس الإنسانية الخمسة.
وتراهما (قَرَّبا قُرْباناً) واحدا كما يخيّل من ظاهر الإفراد في النص؟ أن اشتركا في تقريبه وهما في النية مختلفان؟ ولا يعرف تقبل ظاهر يصدقانه معا لأحدهما وعدمه للآخر! إنه لأقل تقدير اثنان ، والقربان مصدر لا يثنى أو يجمع ، فالقربان هنا ـ إذا ـ اثنان مهما اختلفا شكليا وفي مادته غنما وزرعا أم اتحدا ، ثم وفي لفظ الإفراد إيحاء إلى وحدة الاتجاه ـ رغم اختلاف النية ـ في القربان.
وبطبيعة الحال كان التقبل لأحدهما دون الآخر محسوسا لهما لا ينكر ، إذ لم يكن الآخر ليصدق ردّه وتقبّل الأوّل بمجرد الإيحاء الخبر ، ولم يك يوحى
__________________
ـ كالحمار فقتلاها ثم ولد له أثر عناق قابيل ابن آدم فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجل اظهر الله عز وجل جنيته من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة أنسيته فلما رآها قابيل ومعها فأوحى الله إلى آدم أن زوج جهانة من قابيل فزوجها من قابيل ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجل اهبط الله إلى آدم حوراء واسمها ترك الحوراء فلما رآها هابيل ومعها فأوحى الله إلى آدم أن زوج تركا من هابيل ففعل ذلك فكانت ترك الحوراء زوجة هابيل ثم اوحى الله عز وجل إلى آدم : سبق علمي أن لا أترك الأرض من عالم يعرف به ديني وأن أخرج ذلك من ذريتك فانظر إلى اسمي الأعظم وإلى ميراث النبوة وما علمتك من الأسماء ولا في العقوبة إذ أن (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) بل المشابهة فقط في الشرف فكما أن قتل مؤمن لإيمانه قتل للإيمان ككل ، كذلك قتل إنسان لأنه إنسان قتل للإنسانية شرفيا كما أن تكذيب رسول لأنه رسول تكذيب للرسالات كلها ، وتصديق رسول لأنه رسول تصديق للرسل كلهم كذلك القتل والإحياء ، فلا يشهر القتل إلّا عمده القاصد دون الخطاء.