من موارد الإحسان ، تلحق هذه التسع بعبادة الله فتلك ـ إذا ـ عشرة كاملة ، تلميحا أن ذلك الإحسان بخلق الله هو قضية من عبادة الله ، فإنها ليست مجرد عقيدة في الضمير وشعائر عبادية تقام ، بل وهي إحسان بعباد الله فإن الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من أحب خلق الله في حب الله.
فالدين منهج يحتضن كل المصالح الروحية والبدنية ، فردية وجماعية ، هي كلها تنظيمات لهذه الحياة ومن وراءها الحياة الأخرى ، جمعا بين الأولى والأخرى فإن الدنيا مزرعة الآخرة ، فليست إحداهما مزرئة للأخرى ، بل هما في حساب الله حياة واحدة شطرها الأولى مدرسة والأخرى هي النتيجة الكاملة الشاملة (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ـ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ـ ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
في هذه العشرة العشيرة للمؤمنين طول الحياة يتقدم ربنا على أية حال ومن ثم الوالدان على ذي القربى وسواهم ، لأنهما المتقدمان في تقديم كل إحسان في الحياة فليقدم لهما الإحسان قبل غيرهما.
صحيح أن الأولاد هم أفلاذ الأكباد أكثر من الوالدين لهم ، إلّا أن طبيعة الحال في إحسانهما إليهم دونهم إليهما تقتضي تقديمهما في حقل الإحسان.
أجل ، وإن الله أرحم بالذراري الناشئة من الوالدين ، ولكن الذرية بصفة خاصة أحوج الى التوجيه والترغيب والتذكير لبر الوالدين ، فالأولاد ـ في الأغلبية الساحقة ـ متجهون الى الجيل الذي يخلفهم دون الذي يخلفون عنهم ، فهم مندفعون بطبيعة الحال في تيار الحياة الى الأمام مدفوعون عن الوراء الإمام ، والله يوجههم أن يندفعوا الى الإمام كما الأمام ، والى الخلف كما الى الخلف ، فإنهم حصائل الخلف كما الخلف هم حصائلهم.
٣ (وَبِذِي الْقُرْبى) توسّع من الوالدين الى ذي القربى وأولهم وأولاهم الذرية ، فالقربى هي الفعلى من الأقرب ، وهي صاحب الصلة القربى ، وعلّها