وقد تعني «أركسهم» ثالوثة المنحوس ، قلبا لقلوبهم عن الهدى كيلا يهتدوا أبدا ، وقلبا لهم إلى أحكام الكفار ، وقلبا إلى جحيم النار ، وكل ذلك «بما كسبوا».
ولا يعني (يُضْلِلِ اللهُ) هنا وأيا كان إلّا عدم التوفيق لهم أن يهتدوا بعد ، وأن يكلهم الله إلى أنفسهم ، ويختم على قلوبهم بما ختموا وزاغوا : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ).
(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ) وهو الذي ظل مع الرسول ردحا منافقا ولكنه ضل وأضل كثيرا فأضله الله (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) بما ضل وأضل (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) إلى الهدى ومخلصا عن الردى.
ذلك! فالفئوية والتميّع في الصف الإسلامي خطر على الإسلام والمسلمين ، لا سيما في الدولة الجديدة الإسلامية ولمّا تقم على سوقها ، المحتاجة الى اجتياح المتسربين الدخلاء عن صفّه الرصين المتين ، فلا دور ـ إذا ـ للتسامح والإغضاء عن هؤلاء الحماقى اللعناء.
وليس قولهم مقالة يقولها المسلمون بما يقيلهم بينما هم يظاهرون أعداء الإسلام ، فقد كفروا جهارا بعد ما أسلموا نفاقا إذ لا عبرة بكلمات تقال فتكذبها الأفعال.
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٨٩).
مواصفة لهؤلاء المنافقين ثالثة ، بعد ما أركسهم الله وأضلهم بما كسبوا : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا) فهم أولاء أعداء الله وأعداء رسوله والمؤمنين :