الرئاء وسواها من خالجة خارجة عن قمة الإيمان الخالص.
ولو اختصت مواصفة الإيمان بالمخلصين فقط خرج عن الدور الأكثرية الساحقة من المؤمنين إذ (ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) في الطاعة لا في العبودية.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) ٧٧.
لقد كانت جماعة مؤمنة في العهد المكي قائلة : «يا نبي الله كنا في عزّ ونحن مشركون فلمّا آمنا صرنا أذلة؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم فلما حوّله الله الى المدينة أمره بالقتال فكفوا فأنزل الله (أَلَمْ تَرَ ...) (١).
و «أيديكم» هنا تعم كافة القوات المدافعة ، ألسنة (٢) أم أسلحة أخرى يدافع بها ، اللهم إلّا في إصلاح بحكمة وموعظة حسنة.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٨٤ عن ابن عباس إن عبد الرحمن بن عوف وأصحابه أتوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا : وفيه عن قتادة في الآية قال : كان ناس من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة يسارعون الى القتال فقالوا للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذرنا نتخذ معاول فنقاتل بها المشركين وذكر لنا ان عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك فنهاهم نبي الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك قال : لم أومر بذلك فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتال كره القوم ذلك وصنعوا فيه ما تسمعون قال الله تعالى : قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا.
(٢) نور الثقلين ١ : ٥١٨ عن أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : يعني : «كفوا ألسنتكم» أقول : وهذا تفسير بالمصداق الخفي الخفيف.