وترى كيف يكون كيد الشيطان ضعيفا وهو رأس الزاوية في كل ضلالة ، ثم النساء المتأرجفات بتلمذة الشيطان (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (١٢ : ٢٨)؟.
إن العظم لكيدهن ليس إلّا في تعبير «العزيز» الحضيض ، والضعف في كيد الشيطان هو عبارة الرحمن العزيز ، ثم إن عظمه ليس إلا نسبة الى سائر الكيد من الناس دون كيد الكائد الأصيل ، ومن ثم قد يجتمع الضعيف والعظيم ، فمهما كان كيد الشيطان عظيما فليس قويا بل هو ضعيف أمام الحجج البالغة الربانية (١).
فكيد الشيطان هو في نفسه ضعيف أمام حجج الرحمان ، مهما كان قويا وجاه من أتبع هواه وكان أمره فرطا.
أترى المقاتل في سبيل الله كأصل ، ولكن بخالجة الرياء أو خارجة الأهواء ، أو الغيرة والعصبية قومية أو عنصرية أو إقليمية أماهيه؟ تراه مقاتلا في سبيل الطاغوت؟ فليقاتل كما يقاتل أولياء الشيطان ، أم هو مقاتل في سبيل الله؟ و (لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ)!.
إنه عوان بينهما ، لا خالصا في سبيل الله ، ولا مالصا عنها في سبيل الطاغوت ، فهو لا يؤجر على قتاله ولا يقاتل بها ، بل ينصح لتكون نيته خالصة غير مالصة.
وقد تجمع (الَّذِينَ آمَنُوا) هنا الى خلّص الإيمان مزيجه ما لم يكن إيمانا بالطاغوت ، ف (يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) قد تشمل كل مؤمن مقاتل مهما خالجته
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥١٧ في أصول الكافي عن أبي ليلى قال سمعت أبا جعفر (عليهما السّلام) يقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه ولتتسع قلوبكم فإن العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون فإن كيد الشيطان كان ضعيفا ، فقلت : وما الذي نعرفه؟ قال : خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل.