فكما أن على الأيدي أن تبسط عند المكنة والمصلحة ، كذلك عليها أن تكف في معاكسة الأمر (١) فسنة التقية جارية في ظروفها إيجابية وسلبية حفاظا على الأهم من قضايا الإيمان.
واللوم هنا موجه الى كل هؤلاء الذين يهمون ببسط أيديهم على الظالمين دون عدّة لهم ولا عدّة مكافئة ، ثم إذا حصلتا لهم وأمروا ببسط أيديهم كفوا أيديهم ، معاكسين كلا من الكف والبسط خلاف الصالح لكيانهم وخلاف شرعة الله (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) بعد ما كتب عليهم كف الأيدي (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) لا كلهم فإن منهم مؤمنين واقعيين (يَخْشَوْنَ النَّاسَ) النسناس المعتدين عليهم (كَخَشْيَةِ اللهِ) الذي (لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) وهي منتهى الخشية (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) من الله ، ويا ويلاه! ويكأن هؤلاء الناس هم أشد بأسا من الله وتنكيلا.
وإن أشد الناس حماسا واندفاعا وتهوّرا في غير وقته وواقعه ، قد يكونون هم أشدهم جزعا وانهيارا وهزيمة في وقت الحماس الجادّ وواقعه ، وهم ممن قال
__________________
(١) المصدر ٥١٨ في روضة الكافي عن الفضيل عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : يا فضيل أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكوة وتكفوا ألسنتكم وتدخلوا الجنة ثم قرء (أَلَمْ تَرَ ..) أنتم والله أهل هذه الآية.
وفيه عن محمد بن مسلّم عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : والله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السّلام) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس والله لقد نزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ ..) إنما هي طاعة الإمام وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين (عليه السّلام) (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) نجيب دعوتك ونتبع الرسل ، أرادوا تأخير ذلك الى القائم (عليه السّلام)
وفيه في تفسير العياشي الحلبي عن الباقر (عليه السّلام) (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) قال : نزلت في الحسن بن علي (عليهما السّلام) أمره الله بالكف (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) نزلت في الحسين بن علي (عليهما السّلام) كتب الله عليه وعلى أهل الأرض أن يقاتلوا معه.