(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٨ : ٥).
ذلك ، والقتال ـ كآخر الدواء الكيّ في سبيل سلب الظلم وإيجاب العدل هو قتال في سبيل الله ، تحقيقا للسلب والإيجاب في كلمة التوحيد ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفر والسفلى : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) (٣ : ١٢٧).
إذا فكل قرية فيها مؤمنون مستضعفون تحت وطأة الظلم الفاتك الحالك ، هي مشمولة ل (هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) دون اختصاص بمكة المكرمة ، وعلى سائر المؤمنين قتال أهلها ما استطاعوا تخليصا للمستضعفين ، حكما صارما لا حول عنه على مدار الزمن الرسالي حتى يأتي دور صاحب الأمر الذي به تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.
(الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) ٧٦.
لأن القتال في سبيل الله هي سبيل الإيمان ، والقتال في سبيل الطاغوت هي سبيل الشيطان ، إذا (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) وهم المقاتلون في سبيل الطاغوت ، إمحاء للطغيان بعوامله.
وكيف نقاتل أولياء الشيطان ولهم كثير العدة والعدّة ، نقاتل ل (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ) منذ كوّن وإلى يوم الدين «ضعيفا» إذ لا حجة له إلّا دامغة ، وحجة الإيمان هي البالغة.
ثم وأولياء الشيطان يحاربون ما تضمن حياتهم بزهراتها وزهواتها ، وأنتم لا تربّصون في قتالكم إلّا إحدى الحسنيين ، ومهما كانت للباطل جولة فإن للحق دولة لهؤلاء الصامدين في وجوه الطغاة البغات.