الى واجهة الإيمان ، حيث يسبك كل الإيجابيات والسلبيات للمؤمنين في قالب التوحيد ، تهذيبا عن شوائب الأهواء والآمال الفاسدة ، فلذلك نرى هنا ردف سبيل الأهلين بسبيل الله! ومهما لم تصفوا نياتهم أولاء كما يحق في بداية الأمر ، فميادين القتال في سبيل الله هي مدارس تربوية تغير من إنيات المشاركين وتبلور نشاطاتهم.
هنا سبيل «المستضعفين» في سبيل الله مدمج في سبيل الله ، فلا تعني إلّا السبيل التي قررها الله للحياة الإيمانية ، حفاظا على أصل الإيمان وعلى (الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) المؤمنين (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) وهي حينذاك مكة المكرمة (الظَّالِمِ أَهْلُها) حيث لا يسمحون حرية للإيمان ولا يسامحون كتلة الإيمان (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) يلي أمرنا (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) ينصرنا.
فالقتال في سبيل تحقيق دعوات هؤلاء المستضعفين ـ الإيمانية ـ قتال في سبيل الله ، هجمة دفاعية على الظالمين بحقهم تحريرا لهم عن نيرهم المذل ، وتحريرا لحق الحرية للإيمان المدل.
ولقد دعى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من قبل أن يخرجه ربه من هذه القرية الظالم أهلها فأخرجه (١) بعد ما ما أحرجه الظالمون فيها :
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥١٧ في روضة الكافي عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال في حديث طويل : وقد كانت خديجة (عليها السّلام) ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد وأشفق على نفسه من كفار قريش فشكى الى جبرئيل ذلك فأوحى الله عز وجل إليه : أخرج من هذه القرية الظالم أهلها وهاجر الى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر وانصب للمشركين حربا فعند ذلك توجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى المدينة.