والقول أن جمع (أُولِي الْأَمْرِ) يحولهم الى غير الخلفاء المعصومين إذ لم يكونوا مجموعين زمن نزول الوحي ، بل ولا أولهم علي أمير المؤمنين إذ لم يكن خليفة زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، إنه غير وارد في ذلك الخطاب المحلّق على كل الزمن الرسالي ، دون الرسولي فقط.
فكل ولي لأمر الأمة مطاع في زمنه الخاص ، كما هو مطاع على مدار الزمن ، وهنا تتجاوب فردية الطاعة مع جمعيتها لأنهم كلهم روات عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيما كان يفعل أو يقول دون زيادة عليه ولا نقصان حيث يقودهم كلهم كتاب الله (١).
ذلك ومن لطيف التعبير من العليم الخبير جعل أولي الأمر منكم في حضن الرسول وزجّهم فيه لأنهم ليسوا إلّا هو وهو مصدرهم بالوحي من ربه ، والفصل بين طاعة الله والرسول ليس إلّا لفصل الكيان الربوبي عن الكيان الرسالي ، ولا فاصل بين أهل بيت الرسالة المحمدية فإنهم ليسوا إلا رواة الوحي الرسالي عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما روى في الكتاب والسنة ، والفارق بينهم وبين من سواهم من الرواة عصمتهم (عليهم السّلام) دونهم أولاء ، مهما كانوا عدولا علماء في القمة السامقة ، لمكان القصور الذاتي في غير المعصومين.
ولو شمل (أُولِي الْأَمْرِ) من يجوز عليه الخطأ قصورا أو تقصيرا لكان
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٧٧ ـ أخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن أم الحصين الأحمسية قالت : سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يخطب وعليه برد متلفعا به وهو يقول : إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله ، وفيه عن علي (عليه السّلام) قال : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك كان حقا على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا ويجيبوا إذا دعوا.