رجعة أخرى الى آية الجمع.
قد يقال : ان مثنى وثلاث ورباع ، ليست لتحصر الحل في أربع ، فان تخصيص بعض الأعداد بالذكر لا يصلح تخصيصا للحلّ به ، وليس هذا من اداة الحصر شيء يعتمد عليه ، وقد يدل على عدم الحصر «ما طاب» حيث يطيب اكثر من اربع ، لا سيما وانه اتباع لسنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث مات عن تسع ، والتحديد بالأربع تخلّف عن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يصلح الحديث تحديدا او تقييدا لعموم آيتي «ما طاب» و «اتبعوه» ولا تصلح (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) حصرا لهما بأربع.
والجواب ان لو لم تكن «رباع» آخر عدد من المسموح وكان هو الآخر ك «تسع» أما زادت لكانت قضية الفصاحة في كتاب البيان ان يأتي بهذا التبيان ك «مثنى وثلاث ورباع ـ والى ـ تساع» أما زادت ، فالوقفة على «رباع» نص او ظاهر كالنص على التحديد ، وبذلك تتخصص سنته (صلى الله عليه وآله وسلم) في تسع ، وتتأيد الروايات الحاصرة لأمته في اربع.
ثم إن للرسول سنتين ، سنة رسولية وسنة رسالية والثانية هي العامة المتّبعة دون الأولى إلّا بدليل ، ولقد كان سماح الأكثر من أربع إلى تسع سنة له رسولية ، وكما كان المنع عن اي زواج له بعد سنة رسولية : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) (٣٣ : ٥٢).
ذلك وكما كانت صلاة الليل مفروضة عليه دون الأمة ، أمّاذا من واجبات او محرمات عليه كانت سنة له رسولية لا رسالية ، ولا علينا إلّا أن نتبع النص في التمييز بين السنتين.