الظالم ان يعذبه والمظلوم ان يرحمه و (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٥٠ : ٢٩) ، فترك العذاب إذا ليس ظلما بسيطا ، بل التارك ـ إذا ـ ظلام للعبيد علما وعملا وقولا.
ومن ناحية طليقة لهذه الجملة الجميلة ليس الله بظلام للعبيد الظالمين كما ليس بظلام للعبيد المظلومين ، أما الظالمين ف (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) ولا تظلمون نقيرا ، واما المظلومين فلانه لا يترك الظالمين سدى يفلّون ، هضما لحقوق المظلومين وعطفا على الظالمين!.
وكضابطة ثابتة من عدل الله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤١ : ٤٦).
ثم (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) هي من دلائل الإختيار ، ف (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) يحلّق سلب الظلم على كافة حقول الجزاء ، فلو كان العبد مسيّرا غير مخيّر لكان الله ظلاما بأمره او نهيه فيما لا يستطيع العبد وهو تعالى فاعله! ، ثم بعقابه على العصيان المسيّر فيه ، ولو أن الله لم يعاقب الظالم بما قدّمت يداه لكان ظلاما بالنسبة للمظلومين ، ولو عاقب دون ظلم لكان ظلاما ، ولو عاقب بأكثر مما قدمت يداه لكان ظلاما ، فمربع الظلم عبر عنه ب «ظلام» وما أحسنه تعبيرا!.
(الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٨٣).
أتراهم صادقين في ذلك العهد؟ فكيف يؤمنون بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأضرابه من رسل لم يأتوا بقربان تأكله النار! أم كاذبين؟ فما هو ـ إذا ـ دور (بِالَّذِي قُلْتُمْ) وما قولهم هنا إلّا (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ