الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٤)
آيات ثلاث ـ الأوليان هنا وثالثة هي آية الكلالة في نهاية السورة ـ تتضمن الأصول الأولية من فقه الفرائض والمواريث ، هي حجر الأساس في سائر الفروع غير المذكورة في هذه الثلاث ، بما تنضم إليها آية أولوا الأرحام في الأحزاب وآية النصيب هنا وآية الموالي الآتية ، آيات تناحر الجاهلية الأولى الغائبة والأخرى الحاضرة المتحضرة في كيفية تقسيم الميراث على الورثة ، فقد كانوا يورثون خصوص الرجال بالنسب ـ دون الضعيفين : المرأة والطفل ـ ثم يورثون الأدعياء ، ومن ثم بالحلف والعهد ، فكان الرجل يقول لآخر : دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك ، فإذا تعاهدا على ذلك كان للحي ما اشترط من تركة الميت.
واما الإسلام فقد أبطل التوارث الجاهلي مرحليا ومصلحيا ، فاستنكره بالتبني بآيات من الأحزاب واستبدله بالهجرة والتآخي في الله ، لأن أكثر أقارب المسلمين كانوا في البداية كفارا لا يرثون ، ثم الإخوة المؤمنون كانوا يهاجرون حفاظا على صبغة الإيمان والأخوّة في الله ، فقرر الميراث في البداية بالمهاجرة والأخوة الإيمانية ثم نسخت بالقرابة كما تقول آية اولي الأرحام (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً).
وهذه مرحلة ثانية في مرحلية تشريع الميراث انه انحصر في الأقربين وبضمنهم (الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ