ولا يشمل الإيذاء القتل ، بل ولا الكسر والجرح ، إنما هو تضييق على فاعل الفاحشة ليرتدع.
ومما تدل عليه «فآذوهما» عدم جواز قتلهما مهما كان الناظر زوجا أم سواه ، فلا يجوز قتلهما إطلاقا للناظر ، فإنما الإيذاء ان لم تكن شهود ثم اللعان من الزوج كما فصلناه في آيات النور.
وليس أمر الإيذاء هنا يخص حكام الشرع ، اللهم إلا فيما ثبت بالشهادة ، فكل شاهد دون الشهادة عليه إيذاء من يأتي بالفاحشة حالها وبعدها لغاية التوبة والإصلاح قدر ما يكفي لتحصيلهما ، اللهم إلا الثابتة بالشهادة فإنها تزيد إيذاء وهو على عاتق الحكام الشرعيين.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٧).
«التوبة» في الأصل هي الرجوع ، وهي من العبد الرجوع إلى الله عما أساء ، ومن الله الرجوع على العبد بسابق رحمته وسابغها بقبول توبته ، وتوبة العبد محفوفة بتوبتين من الله: (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) (٩ : ١١٨) ـ (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ) (٥ : ٣٩).
والتوبة فيما يرجع إلى الله هي مثلثة الزوايا ، من مفروضة على الله بما فرضها الله على نفسه : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ ..) ومرفوضة عند الله (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) وعوان بينهما ككل من سواهما مهما اختلفت الدرجات.
فالعبد قد يعمل السوء بجهالة وغلبة الشهوة والشقوة وضعف القدرة في الاستقامة ثم يتوب من قريب دونما تسويف ، فالتوبة عليه هي المفروضة على الله بما فرض و (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ