وبعضه غير ميسور وهو المحبة ، فحين (لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) عدلا في عدل المحبة (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أن تتركوا العدل في عدل القسم بينهن.
هذا هو العدل الذي تحمله الآية ، ثم المستحيل تحمله الأخرى دون تناحر بينهما ، فشريعة الله ليست هازلة غير حكيمة حتى تشرع أمرا في آية ثم تحرمه إحالة له في أخرى ، إعطاء باليمين وسلبا بالشمال بإحالة ما أعطته اليمين ، فانما اعطت فرض العدل فيما يمكن ، وأحالت في الأخرى ما يزعمه الزاعمون من واجب العدل في المحبة!.
ولقد كان يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حول العدلين : «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (١).
وهذه الآية إجابة عن سؤال شائك حول العدالة المفروضة ، أنها ككلّ غير ممكنة فكيف السماح في تعدد الزواج ، فجاء الجواب (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) (٢) ولم يقل «في النساء» فهو العدل وليس كل العدل (فَلا تَمِيلُوا
__________________
(١) أخرجه ابو داود والترمذي والنسائي.
(٢) نور الثقلين ١ : ٤٣٩ في الكافي علي بن ابراهيم عن أبيه عن نوح بن شعيب ومحمد بن الحسن قال : سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له : أليس الله حكيما؟ قال : بلى هو احكم الحاكمين قال فأخبرني عن قول الله عز وجل (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) أليس هذا فرض؟ قال : بلى ، قال : فأخبرني عن قوله عز وجل (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) اي حكيم يتكلم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة الى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة؟ قال : نعم جعلت فداك لأمر اهمني ، ان ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شيء قال وما هي؟ قال : فأخبره بالقصة فقال له ابو عبد الله (عليه السلام) اما قوله عز وجل (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) يعني ـ