ثم لا ثانية لها إلا قربان ابني آدم (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) (٥ : ٢٧).
ذلك مع إتيان الكثير الوفير من سائر الآيات البينات ، مما يدل على أصالتها دون القربان ، فهو ـ إذا ـ آية هامشية جانبية لبعض المرسلين ، دون أن يحتل القمة او يساوي ام يسامي سائر الآيات الرسالية ، وقد تلمح له مقابلة (بِالَّذِي قُلْتُمْ) ب «البينات» وكأنه ليس من البينات ام هي بيّنة هامشية مقترحة ، فلم تكن آية أصيلة ، وانما هي آية أحيانية مقترحة على سبيل التعنّت دون الاسترشاد ، فكما لم يؤمنوا بمن أتى بها من الرسل السابقين كذلك لم يؤمنوا بهذا الرسول حيث لم يأت بها ـ على سواء ـ.
كما ومن العجاب أننا لا نجد «قربانا تأكله النار» في التورات ـ على تحرّفها ـ كآية رسالية لرسول فضلا عن كونها عهدا مستمرا مع الرسالات كلها ، فأين ذلك العهد المدعى ، الحاجب بينهم وبين تصديق هذه الرسالة السامية؟!.
ذلك! ومن ثم فهذه الدعوى في نفسها باطلة ، فان دلالة سائر الآيات المعجزات هي لأقل تقدير كدلالة قربان تأكله النار ، فكيف يعهد الله الى بني إسرائيل ألا يؤمنوا لرسول إلّا أن يأتيهم ـ فقط ـ بهذه الآية ، وقد أرسل رسلا بغير هذه الآية ، أم وأرسلهم بهما ، والآية الرسالية ذات دلالة ذاتية على رسالة الآتي بها ، فكيف يبعث الله بها ثم يعهد إلى قوم ألّا يؤمنوا لرسول أتى بها ، وذلك جمع بين متناقضين!.
فيا لها من مجابهة قوية تكشف عن اتجاهة غوية لهم ، وعن كذب وافتراء منهم على الله وإصرارهم على كفرهم ، وهنالك تأتي تسلية حنونة لخاطر الرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) ان تكذيب الرسل يحلق على كل الأدوار