الرسالية فليس هو بدعا من الرسل ان يكذّب :
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (١٨٤).
فالمصيبة إذا عمت طابت وخفت كما إذا خصت هابت وثقلت ، و «كذبوك» هنا تعم اصل الرسالة المحمدية ، وأن جمعا من الرسل لم يأتوا بتلك الآية المقترحة ، وأنهم كذبوا جمعا منهم أتوا بها ، فقد تشمل «كذبوك» ذلك الثالوث كله مهما كان أصل النبوة رأس الزاوية.
ثم «البينات» المزوّد بها كل الرسل هي الآيات البينات الرسالية التي أتت بها الرسل ، والزبر جمع الزبور من الزبر وهو الزجر بحكمة وموعظة وتخويف وتحذيركما نراها في زبور داود (عليه السلام).
واما (الْكِتابِ الْمُنِيرِ) فقد يعني كتاب الشرعة الأصيلة المنيرة على البينات وعلى الزبر ككتاب نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) وفوق الكل القرآن العظيم ، ولكن «من قبلك» يخرجه عن هذا المجال.
وقد تلمح وحدة «الكتاب» أمام جمعية (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) انه أصل الزبور والبينات ، وكما أتى مفردا في (٢٣٠) موضعا ولم يأت جمعا إلا في ثلاث.
ثم الفصل بين البينات والزبر والكتاب المنير مما يدل على فصل الآيات المعجزات لسائر المرسلين عن زبرهم وكتاباتهم ، والقرآن بما يجمع هذه الثلاث يمتاز عن كل كتب السماء بهذه الجمعية البارعة ، لحد أصبح آية رسالية قبل كونه كتاب الرسول ، حيث يثبت رسالة من جاء به ، ومن ثم هو تبيان لكل شيء تحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة! : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ ..).