أبدا ما أبقيتني ، واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام واجعلني اليوم من أكرم وفدك عليك وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة وبارك لي فيما ارجع إليه من أهل أو مال قليل أو كثير وبارك لهم فيّ» (١).
وقد يعكس أمرهما ، حيث اعتبر الوقوف بعرفات فرضا مقضيا ثم الى المشعر الحرام ، تنديدا بقريش ، إذ لم يكونوا يعرفون فضلا للوقوف بعرفات ، فكانوا يقفون بالمشعر الحرام وبه يفتخرون على سائر الناس الواقفين بعرفات قائلين «نحن أولى الناس بالبيت» ـ
«ولا يفيضون إلّا من المزدلفة فأمرهم الله أن يفيضوا من عرفة» (٢).
__________________
(١) المصدر بسند متصل عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل ...
(٢) نور الثقلين ١ : ١٩٥ في تفسير العياشي عن زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (ثُمَّ أَفِيضُوا ...) قال : أولئك قريش كانوا يقولون : ...
وروي مثله عن الباقر (عليه السّلام) انه قال : كانت قريش وحلفاءهم من الحمس لا يقفون مع الناس بعرفات ولا يفيضون منها ويقولون : نحن اهل حرم الله فلا نخرج من الحرم فيقفون بالمشعر ويفيضون منه فأمرهم الله ان يقفوا بعرفات ويفيضوا منها ، وعن الحسين (عليه السّلام) انه قال في حج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم غدا والناس معه كانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع ويمنعون الناس ان يفيضوا منها فأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقريش ترجوا أن تكون إفاضته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من حيث كانوا يفيضون فانزل الله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) يعني : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق (تفسير بيان السعادة ١ : ١٨٣).
وفي تفسير العياشي عن رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (ثُمَّ أَفِيضُوا ...) قال : ان اهل الحرم كانوا يقفون على المشعر الحرام ويقف الناس بعرفة ولا يفيضون حتى يطلع عليهم أهل عرفة وكان رجل يكنى أبا سيار وكان له حمار فاره ، وكان يسبق اهل عرفة فإذا طلع عليهم قالوا : ابو سيار ، ثم أفاضوا فأمرهم الله ان يقفوا بعرفة يفيضوا منه.