ثم الحجيج يتعارفون فيها ، كما ويتعرّف إليهم في عرفات بالمغفرة والرحمة.
وإذا كانت «عرفة» من الاعتراف ، فموقف عرفات موقف اعترافات ، اعترافا بذل عبوديتك وعز الربوبية ، وأخرى بواقع المعصية المنسية وكما الأبوين الأولين اعترفا فيها : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) فقال الله تعالى : الآن عرفتما أنفسكما.
أم وكانت من العرف وهو الرائحة الطيبة ، ومجالة عرفات هي تلك المجالة الطيبة الرائحة ، بروح الرحمة والرضوان ، وروح المغفرة عن كل عصيان.
إذا فهي عرفات في سابقتها السابقة ولاحقتها المستمرة ، عرفات في معرفيات واعترافات ، وروح وروح لأهلها.
تظل معترفا في عرفات بذنوبك ، داعيا ربك كل سؤال لك لصالح أولاك وأخراك ، فلما همت الشمس ان تغيب تقول مقال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن تشتت الأمر ، ومن شر ما يحدث بالليل والنهار ، أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك ، وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك ، وأمسى ذلي مستجيرا بعزك ، وأمسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي ، يا خير من سئل ويا أجود من أعطى ، جللني برحمتك ، وألبسني عافيتك ، واصرف عني شر جميع خلقك» (١).
وتقول : «اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه من قابل
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣١ بسند متصل عن عبد الله بن ميمون قال سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقف بعرفات فلما همت الشمس أن تغيب قبل ان يندفع قال : ....