في كل جنبات النفي والإثبات ، حيث الطواف رمزا عن زيارة الله بحاجة الى عرفات روحية وقلبية ، فلتحضر نفسك في «عرفات» ثم (الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) ثم «منى».
هذه جمع من «عرفات» على طول الخط ، ولها جمع سابق يتبناها سائر جمعها ، ومنه تعارف آدم وحواء بها بعد ما أهبطا عن الجنة لما عصيا ، تعارفا في عرفات بعد تجاهل في الجنة ، ولكي لا يتكرر منهما عصيان بتجاهل آخر ونسيان ، فليعرف آدم شيطان حواء ، وتعرف حواء نسيان آدم ، ولكي يضعا أقدامهما على رأس الشيطان وغفلة النسيان ، فيعيشا ـ إذا ـ في دار البلية والامتحان في كل بعد عن كل شيطان ونسيان.
إن آدم العقل كسف عقله بحواء العشق فورّطته في الغفلة ، فليتحول آدم في عقله حتى لا يكسف ، ولتتحول حواء في عشقها حتى لا تضل.
فليعرف هنا في «عرفات» بعضهما البعض ، وبعد التجربة المرة في الجنة ، ولكي لا يتجدد منهما عصيان بغفلة ونسيان.
ثم إن آدم علّمه جبرئيل مناسك الحج ، فلما وقف بعرفات قال له : أعرفت؟ قال : نعم فسمي عرفات.
كما وان إبراهيم عرفها حين رآها بنعتها الموصوف له من ذي قبل ، ولما علمه جبرئيل المناسك وأوصله الى عرفات قال له أعرفت كيف تطوف وفي اي موضع تقف؟ قال : نعم.
ولمّا وضع ابنه إسماعيل وأمه هاجر بمكة ورجع الى الشام ولم يلتقيا سنين ، ثم التقيا يوم عرفة بعرفات.