المسمى بينهما ركن ، ولما ذا هذا الوجوب وذلك الركن وهو وقوف دونما عمل ولا قول ، أو وقوف ركني فاض عن كل فيض ، وليست الصلاة التي هي عمود الدين ركنا بعد الطواف؟! وقد فسر الحج الأكبر بعرفة (١) والمشعر ورمي الجمار! بل و «الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج» (٢) و «كل عرفات موقف» (٣) ... إنها «عرفات» جمعا ل «عرفة» اسما لليوم التاسع من ذي حجة الحرام ، ومكانها «عرفات» الأمكنة المتواصلة من تلك الصحراء وكل وصلة منها عرفة ، وعرفة هي المعرفة السريعة ، ف «عرفات» هي معرفة سريعة ـ لأقل تقدير ـ مثلثة الجهات ، أن تعرف نفسك ونفسياتك وأضرابك من الناس والنسناس ، ثم تعرف شيطانك الذي يجرّك من سيرة الناس إلى سيرة النسناس ، ثم تعرف ربك الذي يخرجك من ظلمات النسناس الى نور الناس ، وهذه اصول المعرفيات التي تتوجب عليك في فقه المعرفة في مجالة عرفات ، ثم تختصر هذه الثلاث كنتيجة في نفي الشيطان واثبات الرحمن حيث هما المعنيان من كلمة الإخلاص (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وما لم تكمل معرفة الشيطان والشيطنات لا تصح لك معرفة الرحمان ، فأنت تخطو في ذلك السلوك سلك النفي إلى الإثبات ، نفيا ، لتكملة الإثبات ، فلا يعني وقوفك في عرفات ببدنك وقوفك ككلّ ، بل هو وقوف جسمك لعرفات روحك تعاون جزئيك على البر والتقوى ، فأنت تقف بجسمك ليتحرك روحك في قلل عرفات ، القلل المعرفية
__________________
(١) رواه اصحاب السنن والحاكم واللفظ للنسائي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(٢) المصدر أخرج احمد عن جبير بن مطعم عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : «كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفة وكل جمع موقف وارفعوا عن محسر وكل فجاج مكة منحر وكل ايام التشريق ذبح»
(٣) وفيه اخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن المسور بن مخرمة قال خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعرفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اما بعد ـ وكان إذا خطب قال أما بعد ـ فان هذا اليوم الحج الأكبر ألا ...