حين تتجر خلاله ، ولا تخلّ بواجباته ، فترك الفضل المعيشي ـ إذا ـ كجناح هو من الأوهام.
فلقد ازدحمت هذه الأوهام عليهم فحرّموا على أنفسهم التجارة في الحج ، لحد كانوا يسمون التاجر في الحج : الداج ، قائلين : هؤلاء الداج وليسوا بالحاج ، وبالغوا في التحرز عن كل مكسب دنيوي وحتى عن إغاثة الملهوف واطعام الجائع ، وكأنها امور دنيوية تنافي عبادة الحج ، فأزال الله عنهم ذلك الوهم ب «لا جناح ..».
ف (فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) يعني كل مباح او مندوب او مفروض عليكم سوى الحج خلاله من تجارة او إجارة او اعانة ملهوف او ضعيف او مظلوم أمّا ذا من محظور متخيّل ، فليس الحج سدا عن سائر فضل الله ، بل هو فضل من الله جماعيا يبتغى من خلاله سائر فضل الله وكما قال الله : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ..).
قد تبتغي فضل الله حصولا على بلغة عيش في الأولى ، وأخرى حصولا على بلغته في الأخرى وهي الأحرى ، وثانيهما يروى عن «أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)» ، فليشعر من يزاول تجارة أمّاهيه خلال الحج بإحرامه انه يبتغي من فضل الله حين يتجر او يوجر او يستأجر ، كما يبتغي من فضل الله حين يحج ، فهو ـ إذا ـ في حالة عبادة كما الحج ، مهما اختلفت عبادة عن عبادة صورة ، فإنهما من فضل الله سيرة وسريرة ف «لا جناح ...».
(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ ...).
هنا «عرفات» وهناك (الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) خطوتان في الحج الأكبر بعد الإحرام ثالثتهما «منى» فما هي «عرفات»؟ إنها ـ كموقف ـ صحراء قاحلة جرداء دون ماء ولا كلاء ، الوقوف بها مما بين الزوال والغروب واجب ، والقدر