في الموسم فسألوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك فنزلت (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ ...) (١) وكما قالوا (بِأَيَّامِ اللهِ) فكيف نتجر؟ فنزلت (٢).
وقالوا إنا ناس نكتري فهل لنا من حج؟ فنزلت الآية وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنتم حجاج (٣) ثم وحرمة الجدال إذ «لا جدال» قد تلمح بحرمة التجارة في الحج فانه لزامها على أية حال ، فتظن حرمتها لحرمته ، ولكن «لا جناح ..» حين تنفي الجناح تقيّده ب (فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ولا جدال في ابتغاء فضل الرب ، ثم التجارة حالة الإحرام بلا رفث ولا فسوق ولا جدال ، انها ابتغاء فضل روحي من الرب خلال فضل سواه ، فان من الصعب جدا تخلي التجارة وسائر المعاملات عن هذه الثلاث.
ومن ثم ، لمّا يحرم على المحرم محلّلات متعوّدة في الحياة فبأن تحرم التجارة أولى وأحرى ، ولكن الله حلّلها كفضل منه ورحمة ، تدليلا على سماح الجمع بين عمل الدنيا والآخرة ، إذا كان جامعا لفضل الله ، وحتى يصبحوا (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ...) فقد يتبلور الإيمان في الحج في بعدين
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٢٢ أخرج سفيان وسعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كانت ...
(٢) وفيه عن ابن عباس قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج ويقولون : ايام ذكر الله فنزلت ...
(٣) المصدر عن أبي امامة التميمي قال قلت لابن عمر إنا ناس نكتري فهل لنا من حج؟ قال : أليس تطوفون بالبيت وبين الصفا والمروة وتأتون المعرف وترمون الحجار وتحلقون رؤوسكم؟ قلت : بلى ـ فقال ابن عمر جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجبه حتى نزل عليه جبرئيل بهذه الآية فدعاه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقرأ عليه الآية وقال : أنتم حجاج.