وليس بعد شريطة المساوات في الجنس شريطة أخرى في شرعة القصاص من ميزات معنوية أماهيه ، حيث النص مقتصر على ما اقتصر.
ولا تزال ضابطة (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) مرعية عددا ، وعددا اقتصادية ، بجبر النقص في اختلافهما في الثانية ـ فقط ـ ردا على ورثة الذكر قاتلين ومقتولين.
وترى آية القصاص هذه ناسخة لآية (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) في المائدة؟ والمائدة كآخر ما نزلت هي ناسخة غير منسوخة!.
آية المائدة لا تتحدث عن شرعة قرآنية ـ ككل ـ بل هي حاكية عن شرعة القصاص التوراتية : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) كضابطة عامة ، وآية البقرة تنسخ عمومها بشريطة المساوات في الجنس والحرية ، فتبقى الباقية تحت عموم المائدة بلا ناقصة ولا زائدة ، اللهم إلّا نسخا ثانيا في (فَمَنْ عُفِيَ ...).
فآية البقرة ترسم حكما عدلا عوانا بين اليهودية في (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) باختصاص القصاص في القتلى بالقتل ، ودون شريطة تساوى الجنسين ، وبين النصرانية القائلة بالعفو ، والهمجية المشركة المتعدية في القصاص كل أطوار العدالة والأعراف العاقلة الإنسانية ، فقد كانت تقتل قبيلة عن بكرتها بقتيل واحد ، أم لا تقتل واحدا قتل قبيلا ، فالأشراف كانوا يقولون : لنقتلن بالعبد منا الحر منهم ، وبالمرأة الرجل منهم ، وبواحد قبيلا منهم ، ويجعلون جروحهم أضعاف خصومهم ، فقد يروى أن واحدا قتل واحدا فاجتمع أقارب القاتل عند والد القتيل قائلين : ماذا تريد؟ فقال : إحدى ثلاث ، قالوا : وما هي؟ قال : إما تحيون ولدي ، أو تملأون داري من نجوم السماء ، أو تدفعوا إليّ جملة قومكم حتى أقتلهم عن بكرتهم ، ثم لا أدري أني أخذت عوضا! وكانوا يظلمون في أمر الدية كما في القود ، فدية الشريف شريفة ودية الوضيع وضيعة!.
وقد خالف الإسلام كلّ هذه الثلاث المفرطة والمفرّطة في أمر القصاص ،