الصلوات الرحمات (وَأُولئِكَ هُمُ) وكأنه لا سواهم «المهتدون» ، فهنالك صلوات تعم المؤمنين ، ثم خاصة تخص الشهداء منهم والصابرين ، ومن ثم أخص تخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهله المعصومين (عليهم السلام) ، وكما أمرنا ان نصلي عليهم لمّا نصلي عليه.
وقد تعني «صلوات» هنا لقرنها ب «رحمة» انعطافات ربانية عليهم تخلّف رحمة عظيمة تلمح لها التنكير في «رحمة» وقد يدل عليه «يصلي عليكم ليخرجكم» حيث الإخراج من الظلمات إلى النور هو الرحمة ، إذ ف (يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) انعطاف لذلك الإخراج عن ورطة الإحراج ، وكما أن «صلوات» تخلّف «رحمة» كذلك الرحمة تخلف الهداية ، ثلاثة ردف بعض ، كلّ تنتج الأخرى ، مهما كانت كل صلاة من الله ورحمة وهداية ، إلّا أن الاختلاف هو في الدرجة.
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) ١٥٨.
آية وحيدة في شعيرة الصفا والمروة و : «التطوف بهما» ، وهو فريضة في الحج والعمرة ، وركن فيهما ، فترى كيف يعبّر عنه ب «لا جناح» سلبا لحرمته ، ثم (تَطَوَّعَ خَيْراً) إيجابا لندبه ، والفريضة هي فوق الوجوب المتعوّد؟!.
«لا جناح» ـ بالنسبة لهذه الشعيرة الفريضة ـ تلمح أنه كان يخلد بخلد المسلمين يومذاك جناح في التطوّف بهما ، وكما تدل عليه أسباب نزول عدة : «أن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون» فانزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ...) (١) ، ولأن أصناما كانت
__________________
(١) في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في حديث ... وان المسلمين ... وفي الدر المنثور عن ـ