(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤٦).
إيتاء الكتاب هنا هو الإيتاء معرفيا ، دون مجرد الانتساب انه كتابي ولا يعلم الكتاب إلّا أماني.
و «يعرفونه» بعد (آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) دليل أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) معروف لديهم في الكتاب كمعرفة الأبناء ـ وهي قمة المعرفة المعروفة ـ حيث الضمير راجع اليه دون القرآن ، فان تعبيره الصحيح ـ إذا ـ كما يعرفون كتابهم ، كما ونجد نفس الآية في الأنعام بنفس المعنى ونفس السند : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٠).
ولماذا «أبناءهم» دون «آباءهم ـ أو ـ أمهاتهم»؟ لأن كلا من الأبوين يعرف ما ولده دونما استثناء ، وقد لا يعرف الولد من ولّده ، إذ ولد بعد موته أم مات في صغره ، إذا فأعرف التعريف بهذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في معرفة أهل الكتاب هو (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ).
ويا له من معرفة نظرية بمواصفة كتابية ، تشبه معرفة حسية في قمتها ، وهم له منكرون ، مؤوّلين اسمه المذكور في كتبهم تارة بغير اسمه ؛ وصفا أو فعلا ، ومسقطين له عن الترجمات أخرى ، وناظرين محمدا غيره ثالثة دون حجة عليه إلّا أنه غير إسرائيلي ، وقد جاء بما لا تهوى أنفسهم ، وهو مذكور باسمه ورسمه ومولده ونسبه وحسبه ولكن لا حياة لمن تنادي.
وجوابا عن سؤال : مهما بلغت البشارات الكتابية بحق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واضحة ، لم تأت بمعرفة له كما يعرف الأبناء ، فان هذه