وفي حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد ويتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة» (١).
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (١٥٥).
في «لنبلونكم» تأكيدات ثلاث في تحقيق ذلك البلاء ، ثالثتها جمعية الصفات الربانية المستفادة من صيغة المتكلم مع الغير ، فلا بد في مسرح الإيمان من مصرع البلاء بشتى الألوان ، نفسيا : «من الخوف» وبدنيا : «والجوع» وماليا : (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) ونفسيا لكم ومن هو مثلكم : «والأنفس» وكضابطة تشمل كل نفس ونفيس من غال ورخيص : «والثمرات».
ف «الثمرات» تعم ثمرات العقول والعلوم والقلوب ، ومن الثالثة الأولاد الصالحون الذين هم من أغلى ثمرات الحياة ، مهما شملت ثمرات الزرع والضرع ، حيث الثمرات النفسية أنفس وأغلى من ثمرات الجسم.
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) على هذه البلايا المحلقة على المؤمنين فيما لهم من حيويات روحية ومادية : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (٢٩ : ١ ـ ٣).
أجل و «ان الله يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب ويتذكر متذكر» (٢) ، ثم و (كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٧ : ١٦٣) كما يبتليهم وهم صالحون ، مخلصون ومخلصون : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) (٢ : ١٢٤).
__________________
(١). عن نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام.