بعد ما يأتمر ، فإذ لم يأتمر سرا فليأمر.
او يقال : إن امر التارك ونهي المقترف لا يجبان ولا يحرمان ، كما قد يستوحى من بعض ما مرّ من أحاديث ، ولكنما المستفاد من إطلاقاتها كتصاريح ولا سيما الآيات ، أن امره ونهيه محرمان ما دام لم يأتمر أو لم ينته وإن كانا هنا أخف مقتا ممن يجاهر بترك المعروف وفعل المنكر ، وهما واجبان بوجوب الائتمار والانتهاء ،
فالإتيان بالمعروف وترك المنكر ، واجبان شخصيا ، وواجبان جماعيا ، مهما كان الاوّل على الأعيان والثاني كفائيا ، فمن يترك واجبا ويفعل منكرا فيما لم يقم بالأمر والنهي من فيه الكفاية فتركه للواجب تركان ، وفعله المنكر محظوران ، مهما كان في ظرف الكفاية تركا أو محظورا واحدا ،
فالتارك الآمر بما ترك هو كتارك الأمر بما ترك وأضل سبيلا ، كما الفاعل لما ينهى ، فانه رغم ما أمر ونهى ، لم يأمر ولم ينه كما أمر ، وهكذا يصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياجا سلبا وإيجابا على الجماعة المؤمنة ، أن يحاولوا دوما في إصلاح أنفسهم وإصلاح مجتمعهم ، لكي ينمو ويزدهر في كافة الأجواء والأرجاء.
ولا عجب أن يجتمع الأمر والنهي في الأمر والنهي ، حيث النهي عنهما فعلي ، والأمر بهما شأني يفرض على المكلفين الائتمار والانتهاء ثم الأمر والنهي.
وإن تعجب فعجب قول جمع من الفقهاء كيف لم يشترطوا في وجوبهما الفعلي ائتمار الآمر وانتهاء الناهي ، وعساكر الآيات وفي ظلالها الروايات تمنع عن فعلية الأمر إلّا للمؤتمر ، وعن فعلية النهي إلا للمنتهي؟! حيث تحثّ على الأمر بعد الايتمار ، وعلى النهي بعد الانتهاء.
وسوف ناتي على قول فصل في حدود وشروط الأمر بالمعروف والنهي