سبقتمونا بها ، فذكر ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «دعوا لي أصحابي ، فو الذي نفسي بيده ، لو أنفقتم مثل أحد ، أو مثل الجبال ذهبا ، ما بلغتم أعمالهم» (١).
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبّوا أصحابي ، فوالذي نفس محمد بيده ، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مدّ أحدهم ، ولا نصيفه».
ثم بيّن الله تعالى ثمرة الإنفاق ، فقال :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ، فَيُضاعِفَهُ لَهُ ، وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أي من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله ، محتسبا أجره عند ربه ، فإنه كمن يقرضه قرضا حسنا ، أي بلا منّ ولا أذى ، طيبة به نفسه ، فإن الله يضاعف له ذلك القرض ، فيجعل له الحسنة بعشرة أمثالها ، إلى سبع مائة ضعف ، على اختلاف الأحوال والأشخاص والأزمان ، وله بعد ذلك ثواب كثير الخير والنفع وجزاء كريم جميل ، وهو الجنة.
روى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ، فَيُضاعِفَهُ لَهُ) قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله ، وإن الله ليريد منا القرض؟ قال : نعم يا أبا الدحداح ، قال : أرني يدك يا رسول الله ، فناوله يده ، قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي ـ بستاني ـ وله حائط فيه ست مائة نخلة ، وأم الدحداح فيه وعيالها ، فجاء أبو الدحداح ، فناداها : يا أم الدحداح ، قالت : لبيك ، قال : اخرجي ، فقد أقرضته ربي عزوجل.
وفي رواية : أنها قالت له : ربح بيعك يا أبا الدحداح ، ونقلت منه متاعها
__________________
(١) ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد كان بين صلح الحديبية وفتح مكة.