وقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) يقتضي الحصر ، أي من أتى بالإيمان الباطل والكفر بالله ، فهو خاسر ، وكل من آمن بالباطل ، فقد كفر بالله.
ثم أخبر الله تعالى عن جهل المشركين وحماقتهم في استعجالهم إيقاع عذاب الله بهم ، فقال :
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ، وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ ، وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي ويتعجل كفار قريش نزول العذاب بهم ، كما حكى تعالى عنهم : (وَإِذْ قالُوا : اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ، أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال ٨ / ٣٢].
ولو لا كون العذاب محددا بوقت معلوم ، ولو لا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة ، لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه ، وسوف يأتيهم بالتأكيد فجأة ، وهم لا يحسون بمجيئه ، بل يكونون في غفلة عنه.
ثم أكد تعالى طلبهم نزول العذاب بقوله :
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) أي يطلبون منك حدوث العذاب ، وهو واقع بهم لا محالة ، وإن جهنم ستحيط بهم من كل جانب.
ثم وصف تعالى كيفية إحاطة العذاب بقوله :
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ، وَيَقُولُ : ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يوم يعمهم العذاب من كل الجوانب ، ويقال لهم تقريعا وتوبيخا : ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا من كفر ومعاصي ، كما قال تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف ٧ / ٤١] وقال سبحانه : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر ٣٩ / ١٦]