وبني نصر ، والآخرون : من قريش ، وأما يهود بني قريظة فمن وجه الخندق.
(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ ، وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) أي وإذ مالت الأبصار عن سننها ، فلم تلتفت إلى العدو لكثرته ، وبلغت القلوب الحناجر كناية عن شدة الخوف والفزع ، وتظنون مختلف الظنون ، فمنكم مؤمن ثابت الإيمان لا يتزحزح عن موقفه ، واثق بنصر الله وبوعده ، ومنكم منافق مريض الاعتقاد ، ظن أن محمدا وأصحابه يستأصلون ، وينتصر المشركون ، ويسودون المدينة. قال الحسن البصري : ظن المنافقون أن المسلمين يستأصلون ، وظن المؤمنون أنهم ينصرون.
(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ ، وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) أي حينئذ اختبر الله المؤمنين ، فظهر المخلص من المنافق ، وحركوا واضطربوا اضطرابا شديدا من الفزع وتهديد العدو ، فمن ثبت منهم هم المؤمنون حقا ، ومن استبد القلق بهم هم المنافقون.
والامتحان من الله ليس لاستبانة الأمر له ، بل لحكمة أخرى ، هي أن الله تعالى عالم بما هم عليه ، لكنه أراد إظهار الأمر لغيره من الأنبياء والملائكة.
ثم أعلن الله تعالى موقف المنافقين ومؤيديهم ، فقال :
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ : ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) أي واذكروا حين قال المنافقون الذين أسلموا في الظاهر ولم تؤمن قلوبهم ، وضعفاء العقيدة لحداثة عهدهم بالإسلام : ما وعدنا الله ورسوله من النصر على العدو إلا وعدا باطلا لا وجود ولا حقيقة له. والقائل : جماعة من اليهود والمنافقين نحو من سبعين رجلا ، مثل معتّب بن قشير وطعمة بن أبيرق ، فقال معتب حين رأى الأحزاب : يعدنا محمد فتح فارس والروم ، وأحدنا لا يقدر أن