من أهل الكتاب ، وقد جئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى ، وأبنت الصواب فيما اختلفوا فيه ، كما قال : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) [طه ٢٠ / ١٣٣].
أخرج الإمام أحمد والشيخان عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة».
(قُلْ : كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) أي قل يا محمد لهم : كفى الله عالما وحكما عدلا بيني وبينكم ، فهو أعلم بما صدر منكم من التكذيب ، وبما أقول لكم وأبلغكم به من أوامر وإنذارات وبما أرسلني به إليكم ، فلو كنت كاذبا عليه لانتقم مني ، كما قال : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة ٦٩ / ٤٤ ـ ٤٧] وإنما أنا صادق فيما أخبرتكم به ، ولهذا أيّدني بالمعجزات الواضحات ، والدلائل القاطعات.
(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية ، يعلم جميع ما هو كائن ويكون في السموات والأرض ، ومن جملة علمه : أنه يعلم حالي وحالكم ، من صدقي وتكذيبكم وإنكاركم.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي والذين صدقوا بما يعبد من دون الله من الأوثان والأصنام ونحوها ، وجحدوا بوجود الله أو توحيده ، مع توافر الأدلة على الإيمان به ، أولئك هم الخاسرون في صفقتهم ، حيث اشتروا الكفر بالإيمان ، وسيجزيهم الله يوم القيامة على ما فعلوا ، ويعاقبهم على ما صنعوا من تكذيب برسل الله ، مع قيام الأدلة على صدقهم ، وإنكار للحق ، واتباع للباطل من الإيمان بالطواغيت والأوثان بلا دليل.