التفسير والبيان :
(وَقالُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) أي وقال المشركون تعنتا وتعجيزا وعنادا : هلا أنزل على محمد آية حسية مادية ، مثل الآيات التي أنزلت على الأنبياء المتقدمين ، كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى ، تكون دليلا على صدقه ، ومعجزة تثبت أنه رسول من عند الله!!
فأجابهم الله تعالى بقوله :
(قُلْ : إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي قل يا محمد لهم : إنما أمر إنزال الآيات وإرسال المعجزات إلى الله تعالى ، فلو علم أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم ، لأن ذلك سهل عليه ، يسير لديه ، ولكنه سبحانه يعلم أنكم قصدتم بطلبكم التعنت والامتحان ، فلا يجيبكم إلى مطلبكم ، كما قال : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ، وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ، فَظَلَمُوا بِها) [الإسراء ١٧ / ٥٩].
وإنما بعثت نذيرا لكم بيّن الإنذار من عذاب شديد إذا بقيتم على كفركم ، لا الإتيان بما تقترحون ، فعلي أن أبلغكم رسالة الله تعالى ، وليس علي هداكم ، إنما الهدى على الله الذي قال : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الإسراء ١٧ / ٩٧] وقال : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢].
ثم أبان الله تعالى كثرة جهلهم وسخافة عقولهم ، حيث طلبوا آيات تدل على صدق محمد صلىاللهعليهوسلم فيما جاءهم ، مع إنزال القرآن عليه ، فقال :
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) أي أما يكفيهم دليلا على صدقك أنا أنزلنا عليك الكتاب العظيم الذي فيه خبر ما قبلهم ، ونبأ ما بعدهم ، وحكم ما بينهم ، وأنت رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ، ولم تخالط أحدا