وأخرج البخاري عند تفسير الآية قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن» أي يستغني به عن غيره.
وأخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن الحارث الأنصاري قال : دخل عمر بن الخطاب على النبي صلىاللهعليهوسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة ، فقال : هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك ، فتغير وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط ، فقال عبد الله بن الحارث لعمر : أما ترى وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيّا ، فسرّي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم ، أنا حظكم من النبيين ، وأنتم حظي من الأمم».
المناسبة :
بعد بيان كون القرآن منزلا من عند الله ، وليس من عند محمد صلىاللهعليهوسلم ، ذكر الله تعالى شبهة للمشركين وهي أنهم قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنك تقول : إنه أنزل إليك كتاب كما أنزل إلى موسى وعيسى ، أفلا تأتينا بآية أو معجزة مادية محسوسة كما أتى بذلك الأنبياء السابقون كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى؟ فأجابهم الله تعالى بقوله : (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) أي ليس من شرط الرسالة الآية المعجزة ، والله إن أراد ينزلها ، وإن لم يرد لا ينزلها ، وكفى بالقرآن آية فهو معجزة ظاهرة باقية ، والله شهيد عليم يحكم بين عباده.
وبعد بيان الطريقين في إرشاد الفريقين : المشركين وأهل الكتاب ، أعلن الله تعالى الإنذار الشامل العام بقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) ولما أنذروا بالخسران أوضح تعالى أن العذاب لا يأتيهم بسؤالهم أو استعجالهم ، وإنما له أجل مسمى اقتضته حكمته وارتضته رحمته.