وإنما يؤمر بذلك على وجه التعليم ، وليعتاده ويتمرن عليه ، فيكون أسهل عليه بعد البلوغ ، وأقل نفورا منه ، وكذلك يجنب شرب الخمر ولحم الخنزير ، وينهى عن سائر المحظورات ؛ لأنه لو لم يمنع منه في الصغر ، لصعب عليه الامتناع بعد الكبر ، وقال الله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) قيل في التفسير : أدبوهم وعلّموهم (١).
٥ ـ الآية دالة على أن الواجب اعتبار العلل في الأحكام إذا أمكن ؛ لأنه تعالى نبّه على العلة في هذه الأوقات الثلاثة من وجهين :
أحدهما ـ بقوله تعالى : (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) وهي علة طلب الاستئذان.
والثاني ـ بالتنبيه على الفرق بين هذه الأوقات الثلاثة ، وبين ما عداها ، وهو علة التكشف في هذه الأوقات الثلاثة ، وما عداها يختلف عنها ، كما تقدم بيانه.
إباحة الأكل من بيوت معينة دون إذن
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ٣ / ٣٣٣