(وَفَرَضْناها) الفرض : التقدير ، أو قطع الشيء الصلب ، والمراد هنا الإيجاب أي أوجبنا ما فيها من الأحكام إيجابا قطعيا. وقرئ (وَفَرَضْناها) بالتشديد لكثرة المفروض فيها (آياتٍ) جمع آية ، وهي العلامة ، والمراد هنا جملة من القرآن الكريم متصلة الكلام تحقق غرضا معينا. (بَيِّناتٍ) واضحات الدلالة على ما فيها من الأحكام. (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي تتذكرون وتتعظون وتتقون المحارم ، ولعل هنا يراد بها الإعداد والتهيئة.
التفسير والبيان :
هذه السورة أوحيناها وأعطيناها الرسول صلىاللهعليهوسلم وفرضنا ما فيها من أحكام كأحكام الزنى والقذف واللعان والحلف على ترك الخير والاستئذان ، وغض البصر ، وإبداء الزينة للمحارم وغيرهم ، وإنكاح الأيامى ، واستعفاف من لم يجد نكاحا ، ومكاتبة الأرقاء ، وإكراه الفتيات على البغاء ، وطاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والسلام على المؤمنين.
وأنزلنا فيها دلائل واضحة ، وعلامات بينة على توحيد الله وكمال قدرته ، لتتذكروها ، فتعتقدوا وحدانيته وقدرته تعالى. وتكرار (وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ) لكمال العناية بشأنها ، كما هي الحال في ذكر الخاص بعد العام.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن سورة النور متضمنة آيات بينات ترشد إلى النظام الأقوم والسلوك الأمثل في الأسرة والمجتمع ، يقصد بها تحقيق العفاف والصون وحماية العرض ، واتقاء المحرّمات ، وتوفير السكينة والطمأنينة القلبية البعيدة عن الشواغل والهواجس الشيطانية الداعية إلى المعصية والرذيلة.
كما أن في هذه الأحكام تذكيرا وعظة للمؤمنين ، وتربية للنفوس ، وتحقيقا للتقوى التي يستشعر بها المؤمن التقي جلال الله وعظمته ، وعلمه وقدرته ،